منتدى الإغاثة والبناء CRB يتسلم شهادة شكر وتقدير من الوحدة التنفيذية للنازحين بمدينة عدن
أكتوبر 17, 2024مدير إدارة النقابات بمكتب الشؤون الاجتماعية يزور منتدى الإغاثة والبناء في عدن
نوفمبر 3, 2024
تقرير | مركز الإعلام الإنساني
في بلدٍ يعيش أسوأ أزمة إنسانية في العالم -بحسب توصيف الأمم المتحدة- تتضاعف معاناة السكان في مختلف مناحي الحياة، مع تقادم الوقت والسنوات، لا سيما في الجوانب الصّحية التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا مع المشكلات البيئة؛ نتيجة جملةً من المتغيرات التي أفرزتها الحرب في البلاد لأكثر من تسع سنوات.
ومع تفاقم الأوضاع الإنسانية، ظلّت النفايات والمخلفات، وكذا المياه الراكدة والصرف الصّحي، من أبرز المشكلات التي يعاني منها السكان وتهدد حياتهم الصحية، بالإضافة إلى تهديدها المستمر للبيئة والأحياء العمرانية؛ لما تحدثه من مخاطر عديدة على الأرض والإنسان.
بحسب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فإنّ “حوالي 65% من النفايات في اليمن عضوية، والباقي يتكون من 10% من البلاستيك و7% من الورق و6% من المعادن و1% من الزجاج و11% من أنواع أخرى”.
خطر النفايات
ووفق منظمات مهتمة بشؤون البيئة في اليمن، فإنّ الأزمة والصراع المسلح، أثرت بشكل بالغ على النفايات، إذ أدت إلى تراجع الجهات المانحة وإغلاق الطرق، وصعوبة الوصول إلى الأحياء السكنية، وتدمير البنى التحتية ومعدات النظافة، وتخفيض الميزانيات المخصصة للتخلص من القمامة. وأشارت المنظمات إلى أنّ النزاع المسلح أدى لنزوح جماعي للسكان، ما أدى لانتشار القمامة بشكل أكبر.
وأوضحت المنظمات أنّ هذه النفايات تمثل خطرًا كبيرًا على البيئة وصحة السكان، كما تساعد في تنامي الحشرات الناقلة، ما يساهم في انتشار الأمراض المعدية، مثل “حمى الضنك الوخيمة”، و”الملاريا” و”داء الليشمانيات الجلدي”، وهو أشد الأمراض الجلدية خطورة. كما يؤدي حرق النفايات إلى الإصابة بالتهابات حادة في الجهاز التنفسي، ويمكن للمواد السامة المنبعثة في الهواء بسبب احتراق البلاستيك والمواد المركبة والنفايات الطبية أن تسبب أمراضًا سرطانية على المدى البعيد.
في محافظة مأرب، المدينة التي تحتوي على ثلث النازحين داخليًا في اليمن كـ أكبر مدينة يمنية تؤوي النازحين، وفق احصائيات رسمية، بعدد إجمالي يصل إلى ما يزيد عن مليوني نازح، تواجه تحديًا كبيرًا بالنسبة لتناثر أكوام النفايات والمخلفات ومجاري الصرف الصحي، على الشوارع وبين الأحياء، رغم الجهود المستمرة في وضع الحلول لذلك، إلا أنّ الاحتياج فاق كل الامكانيات والتدخلات، في حالة تستدعي تدخل الجهات المعنية والمنظمات الإنسانة لتفادي مخاطر كثيرة تتضاعف كل يوم.
المشكلة أكبر من القدرات
في حديثه لـ مركز الإعلام الإنساني، يؤكد نائب مدير عام صندوق النظافة والتحسين بمحافظة مأرب الأستاذ محمد عبدالله السعيدي أنّه رغم الجهود التي تبذلها الجهات الرسمية بالتعاون مع المنظمات الإنسانية والتنموية، إلا أنّ المشكلة أكبر من القدرات المتاحة، وتتفاقم يومًا بعد آخر مع توافد النازحين، وانتهاء عُمر معدات “الصندوق” الافتراضي، التي تتحمل أكثر من طاقتها نتيجة تشغيلها على مدار اليوم”.
وقال “السعيدي”، “إنّ الإمكانيات المتاحة لعمل صندوق النظافة والتحسين، من المعدات، تعمل ثلاث ورديات في اليوم، ويتداول عليها الموظفين، نظرًا لقلتها وحاجة المدينة لشغل المزيد من العمال في رفع المخلفات من النقاط المحددة للنفايات”.
ويتحدث نائب مدير صندوق النظافة والتحسين بمحافظة مأرب بلغة الأرقام، بالقول: “إنّ إمكانيات الصندوق -في الوقت الحالي- عدد 90 معدّة من حاويات (كباسات) وشفاطات، وينقصه عدد 32 حاوية -منها 7 حاويات كـ احتياج طارئ-، وعدد 28 شفّاط -منها 5 شفّاطات كـ احتياج طارئ، ليتم تغطية المدينة بالشكل الصحيح والسليم.
وبالنسبة لـ براميل القمامة فإنّ احتياجات المحافظة ما يزيد عن 2000 برميل، والمتوفرة لدى الصندوق ما يقارب 800 فقط، وهي بحاجة إلى 1230 برميل قمامة، لتغطية العجز القائم الذي قد يساهم هذا النقص بانتشار الأوبئة والأمراض، وتعود مخاطره على الإنسان والبيئة.
وناشد “السعيدي” المنظمات الدولية والمحلية للعمل على رفد الصندوق بالمقومات الضرورية والطارئة، من أجل تخفيف المعاناة عن النازحين والمجتمع المضيف بمختلف مناطق المحافظة، والحدّ من هذه المشكلات التي قد تنتج عن تكدس المخلفات والنفايات.
وأشار في حديثه لـ “مركز الإعلام الإنساني” إلى أنّ المخلفات السائلة هي مشكلة أخرى ذات طابع متفاقم، نتيجة انعدام مشروع الصرف الصحي للمدينة، وكذلك تجمعات النازحين، مؤكدًا أنّ الصرف الصحي للمدينة كان مدروس لما يقارب عن 60 ألف مواطن، قبل بدء الصراع في اليمن، ولكن مع توافد النازحين أصبحت المدينة بحاجة إلى صرف صحي لما يزيد عن مليوني مواطن، وهذا يتركنا أمام معضلة كبرى متجذّرة منذ سنوات. كما يقول.
مواقع النازحين ومعضلة النفايات
وأمام هذا الوضع تبرز المعضلات الأكثر في مواقع تجمعات النازحين، في ظل انعدام تام لمشاريع الصرف الصحي في المخيمات، الذين يضطرون إلى بدائل تقليدية مثل حفر البيارات، والتي تكاد تكون مصدر للكثير من الأوبئة والمشكلات، وسبب لفقدان الكثير من الأرواح، وقد نتج عنها كثير من الحوادث في بعض المخيمات خلال السنوات الماضية.
إلى ذلك، أرجح نائب مدير صندوق النظافة والتحسين أن يكون للمواطنين والسكان النازحين دورٌ أيضًا في عملية التخفيف من وطأة المشكلات التي قد تترتب عليها تكدس النفايات في الحارات والأحياء السكنية ومخيمات النزوح، من خلال الوعي بأهمية التعاون مع الجهات الرسمية بوضع المخلفات بأماكنها المخصصة والتجاوب مع تعليمات صندوق النظافة والتحسين فيما يخص النفيات والمخلفات”.
ودعا -في هذا الصدد- إلى رعاية مزيد من حملات التوعية من قبل المنظمات الجهات ذات العلاقة، لتوعية الناس بوضع القمامة في الأماكن المخصصة. كما ناشد إلى إقامة الدورات والندوات، وطباعة البرشورات التوعوية، حول أهمية النظافة وأثرها البيئي على الجميع. معربًا عن أمله بتجاوب المنظمات بالنداءات المتكررة التي يوجهها “الصندوق” لتقديم الدعم بالمعدات كمشاريع مستدامة للتخفيف عن كاهل المواطنين والنازحين، والحفاظ على البيئة.
النفايات والخطر الصحي
وفي ذات السياق، يتحدث مدير عام مكتب الصحة العامة والسكان الدكتور أحمد صالح العبادي، بالقول: “إنّ المخلفات والنفايات تؤثر بشكل كبير جدًا، وهناك أمراض تنتشر لهذا السبب، ومنها: حمى الضنك، والملاريا، وكذلك انتشار البلهارسيا رغم أنّ مأرب كانت خالية منها، وأيضًا الأمراض الجلدية التي قد تكون سببها التلوث والمخلفات”.
وأضاف “العبادي” لـ “مركز الإعلام الإنساني”، أنّ هذه النفايات والمخلفات تسبب هذه الأمراض على المدى القريب، لكن على المدى البعيد هناك أمراض أخرى تسببها وبشكل كبير، وقد تكون من ضمنها أمرا سرطانية بكل أنواعها، وبالتالي تأثيرات بعيدة المدى ستلحق الضرر بالإنسان، وستؤثر على البيئة بشكل عام”.
من جانبه يقول مدير الرعاية الصحية الأولية بمكتب الصحة والسكان بمحافظة مأرب الدكتور عارف علي الطفاف، “إنّه بلا شك المياه والصرف الصحي لها آثار كبيرة على حياة الناس. منوهًا إلى أنّ مدينة مأرب لا يوجد فيها مشروع صرف صحي، وأنّ اعتماد الناس على البيارات بشكل كلي، مما ينتج عنه طفح للمجاري في الشوارع، وهذه تشكل مصدر تهديد للسكان للكثير من الأمراض والأوبئة. كما تشكل خطرًا من نوع آخر وهو سقوط الأطفال والمارة والسيارات في البيارات.
ووضع الدكتور “الطفاف” في حديثه لـ “مركز الإعلام الإنساني”، بعض الحلول التي من شأنها التخفيف من هذه المشكلات الناجمة عن مخلفات الصرف الصحي، والتي تتمثل بـ مشروع صرف صحي كامل للمدينة، وردم البرك والمستنقعات للقضاء على مصدر توالد النواقل والمسببات المرضية، والمكافحة الحشرية لنواقل الأمراض من خلال حملات الرش الضبابي وحملات الرش الرذاذي، وغيرها من الحلول المجدية”.
وفيما يخص مواقع النازحين ومخيمات النزوح، فقد أرجح مدير الرعاية الصحية الأولية أن تكون مشاريع الصرف الصحي غير مجدية، كونها مساكن طارئة، لكن مراحيض وعمل دورات المياه للنازحين، وتكثيف براميل القمامة في مواقع النزوح، قد تخفف من تفاقم المشكلة”.