منتدى الإغاثة والبناء يشارك في دورة المشاركة المجتمعية وأدواتها ومعرفتها واجراءات المساءلة الاجتماعية
مايو 23, 2024مدير فروع الوحدة التنفيذية يزور منتدى الإغاثة والبناء – مكتب عدن
مايو 30, 2024
تقرير | مركز CRB للإعلام الإنساني
يواجه المواطنون اليمنيون العديد من الكوارث الصحية التي تفتك بالكثير من الأشخاص، لا سيما الأطفال، إضافةً إلى ما هم فيه من المعاناة المستمرة لأكثر من تسع سنوات نتيجة الحرب الدائرة في البلاد، والتي أثرت على كل مناحي الحياة، وألقت بظلالها على فئات المجتمع المختلفة.
ويعد انتشار الأمراض والأوبئة بين أوساط السكان، من المشاكل المستمرة، التي تؤرق المواطنين، وتحصد أرواح الكثير منهم، نتيجة تدهور القطاع الصحي في اليمن، وافتقار العديد من الأسر إلى مواجهة الأمراض والوقاية منها، وعدم قدرتهم على الوصول إلى الخدمات الصحية، وكذا عدم استطاعة غالبية الأسر على تحمل تكاليف الرعاية المنقذة للحياة.
وباء الكوليرا واحد من الأوبئة التي ضاعفت من معاناة السكان في اليمن وزادت من حدة الأزمة التي يعيشونها، خاصة في الفترة الماضية، حيث أصيب العديد من المواطنين بالوباء، لا سيما بين مخيمات النازحين التي يفتقر النازحون فيها إلى أدنى مقومات الحياة.
تفشي مخيف
انتشر الكوليرا بشكل مخيف في مناطق واسعة من اليمن، بعد موجات عديدة انتشرت في اليمن خلال سنوات الحرب الدائرة في البلاد، لما يعانيه القطاع الصحي من تدهور في البنية التحتية، وضعف الإجراءات الاحترازية بين السكان.
تعرّف منظمة الصحة العالمية “الكوليرا” بأنّه مرض شديد الضراوة ينتقل عن طريق تناول الطعام أو الماء الملوث، ويمكن أن تسبّب الكوليرا إسهالاً مائياً حاداً ووخيماً، ويمكن للأشكال الحادة من المرض أن تؤدي إلى الوفاة في غضون ساعات إذا تُركت دون علاج، كما يزدهر الوباء في الظروف السيئة أو الأماكن المكتظة بالسكان، حيث المياه الصالحة للشرب، والصرف الصحي والنظافة معرضة للتلوث بوباء الكوليرا.
وعدّت “الصحة العالمية” الكوليرا بأنّه من أشد الأمراض فتكاً، وتُسبِّب إسهالاً مائياً حاداً لكل من الأطفال والبالغين. موضحةً أنّه بالرغم أنّ ثلاثة أرباع المرضى لا تظهر عليهم أي أعراض أثناء العدوى التي تستغرق من 7 أيام إلى 14 يوماً، فإنها قد تُسبب الوفاة في غضون ساعات إذا تُركت دون علاج، لا سيّما لمَنْ يعانون من ضعف الجهاز المناعي. كما أن المرضى الذين لا تظهر عليهم الأعراض ينشرون أيضاً البكتيريا عن طريق التَبَرُّز، وهو ما يمكن أن يُسفر عن إصابات جديدة.
يقول المواطن علي السكني وهو أحد النازحين في مخيم الجفينة بمأرب، بعد إصابة أحد أولاده بوباء الكوليرا: “إنّ ولده تعرض للإصابة بالكوليرا لكنه لم يستطع الذهاب به إلى المستشفى نتيجة ظروفه المادية”. وهذه واحدة من المعضلات التي يواجهها السكان في اليمن، مما يمنع سرعة الاستجابة للظروف الصحية والتعامل معها بجدية ويسمح بانتشار الوباء على نطاق اوسع بين التجمعات السكانية، خاصة في مخيمات النازحين.
وأضاف “السكني” في حديثة لـ “مركز CRB للإعلام الإنساني” واصفًا الوباء بأنه أخطر الأمراض التي مرت على أبنائه خلال هذه الفترة، لما تعرض له ولده من حدّة في الإسهال المائي، الذي كاد أن يفتك به، وينقله إلى عداد الموتى لولا عناية الله التي ساعدته في مقاومة للوباء” على حدّ تعبيره.
قلق أممي من انتشار الوباء في اليمن
في منتصف شهر مايو الماضي، أعرب وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيت عن قلقه العميق إزاء “تفشي الكوليرا الذي يتفاقم بسرعة في اليمن”. مضيفًا أنه “يُبلغ عن مئات الحالات الجديدة يومياً ليصل العدد الإجمالي إلى حوالي 40 ألفاً، بما في ذلك 160 حالة وفاة منذ مطلع العام الجاري 2024”.
وشدد المسؤول الأممي في إحاطة لمجلس الأمن الدولي بشأن الأوضاع الإنسانية في اليمن على أنّ “الأمم المتحدة وشركاءها يتخذون إجراءات عاجلة للقضاء على المشكلة”. وحذر في إحاطته من أنه “من المتوقع أن تؤدي الأمطار الغزيرة والفيضانات إلى تفاقم الوضع”.
بدوره، أفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، في 12 مايو الماضي، بأنّ “عدد الحالات المشتبه في إصابتها بالكوليرا في اليمن تصل إلى ألف حالة يومياً”.
وتوقع المكتب الأممي، في تقرير، أن يرتفع العدد الإجمالي للإصابات في اليمن إلى 255 ألفاً بحلول سبتمبر/ أيلول المقبل”. وبسبب تداعيات الصراع، يواجه القطاع الصحي في اليمن تدهورًا كبيرًا ونقصًا حادًا في المستلزمات الطبية والأدوية، مما ساهم في انتشار الأوبئة والأمراض.
من جانبها أبدت مديرة العمليات والمناصرة في مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة (اوتشا) “إيديم وسورنو” قلقها البالغ حيال استمرار تفشي الكوليرا في اليمن، وقالت إن مرض الكوليرا عاد للظهور مرة أخرى في اليمن بطريقة مثيرة للقلق منذ أكتوبر الماضي، مشيرة إلى أن آخر تفشي للكوليرا في اليمن يعود لعام 2019″. وفق تصريحات صحفية.
وأشارت المسؤولة الأممية إلى أنّ القضايا الأساسية التي تواجه اليمن خلال الفترة الحالية والمتمثلة في عودة ظهور الكوليرا وتزايد مستويات سوء التغذية الحاد ـ خاصة لدى الأطفال ـ محذرة في الوقت نفسه من الأوضاع الإنسانية في اليمن على خلفية الاقتصاد المتدهور، والخدمات العامة التي لا تعمل بشكل جيد، والنزوح الذي طال أمده بسبب الصراع الراهن فيها.
أرقام وبيانات
وعن الأرقام والاحصائيات المفزعة حول انتشار الوباء في اليمن، أفادت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف”، في تاريخ 20 مايو/ 2024 بتسجيل ما يقرب من 20000 حالة إسهال مائي حاد /الكوليرا في اليمن خلال الفترة من 1 يناير إلى نهاية مارس الماضي.
وقالت “اليونيسف” في تقريرها عن الوضع الإنساني في اليمن من 1 يناير إلى مارس 2024، أنه “في 14 مارس، حدثت زيادة في حالات الإسهال المائي الحاد /الكوليرا في المحافظات الشمالية، بعد ملاحظة زيادة كبيرة في الحالات بدءًا من الأسبوع 11 من عام 2024، وفي الفترة من 14 إلى 31 مارس 2024، قالت المنظمة إنه تم الإبلاغ عن أكثر من 6029 حالة من حالات الإصابة بالإسهال المائي الحاد/الكوليرا، مع 56 حالة وفاة (معدل إماتة الحالات 0.9%)، و47% من الحالات شديدة سريريًا”.
كما تحدثت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف” عن زيادة في حالات الإصابة بالإسهال المائي الحاد/الكوليرا المشتبه بها في المحافظات الجنوبية في الأسبوع الأخير من مارس 2024. وقالت إنّ جميع المحافظات اليمنية الـ 22 أبلغت عن حالات الإصابة بالإسهال المائي الحاد/الكوليرا المشتبه بها. متوقعةً، أن تصل الاحتياجات إلى ذروتها السنوية في سبتمبر/أيلول 2024، قبل موسم الحصاد الرئيسي الذي يبدأ في أكتوبر/تشرين الأول. وفق التقرير.
مأرب وتعز أنموذجان
ويأتي انتشار الوباء في مدينتي مأرب وتعز كـ أكثر مدينتين يمنيتين تحويان نازحين نتيجة الحرب، وشكّل الكوليرا فيهما خطرًا يحدّق بالسكان في أوساط المخيمات، حيث ضاعف الانتشار من معاناة الأسر النازحة وفاقم من أوضاعهم، خاصةً في ظل انعدام الخدمات الصحية المقدمة للنازحين، وقلة الوعي بضرورة الوقاية من هذه الأمراض، والكثير من التداعيات التي تجعل المخيمات بيئة سهلة أمام أية أمراض معدية.
يقول مدير عام مكتب الصحة العامة والسكان بمحافظة مأرب الدكتور أحمد صالح العبادي، “إنّ كوليرا أحد المشاكل التي يواجهها السكان في مأرب” مؤكدًا أنهم رصدوا عدد 298 حالة إلى منتصف مايو. واعتبر العدد مؤكدا مائة في المائة في الفحوصات المخبرية، وكذلك بالفحص الزراعي، وكانت النتائج تؤكد أنّ الكوليرا موجودة في هذه المحافظة.
وأضاف الدكتور “العبادي” لـ “مركز CRB للإعلام الإنساني” أنّ مكتب الصحة تحمل الكثير من الأعباء الكبيرة جدًا، والمشاكل الصحية بشكل عام في جانب، بل وفي جوانب أخرى أيضا مثل صعوبة الوصول إلى المراكز الصحية نتيجة الطرق الوعرة أو التقطعات القبلية، إضافةً للحروب والمعارك التي تدور، لأنّ البنية التحتية غير مهيئة في المحافظة، كذلك المياه والبيئة والأمطار والبرك والمستنقعات والقنوات أيضًا مفعلة ولديها أحواض متصلة إلى أماكن أخرى، وهذا ساعد كثيرا على انتشار الوباء بهذا الشكل.
ودعا مدير عام مكتب الصحة العامة والسكان من خلال “مركز CRB للإعلام الإنساني” الجهات الداعمة وكذلك الجهات ذات العلاقة بدعم المكتب. مشيرًا إلى أنّ المحافظة تختلف عن أي محافظة أخرى، مؤكدًا أنّ البنية التحتية كانت لـ 400 ألف من السكان، اليوم أصبحت وفق تصريحات السلطة المحلية، ما يوازي ثلاثة مليون مواطن، كذلك الكادر الموجود في المحافظة كادر يحتاج إلى تأهيل على الوسائل الحديثة لمكافحة الأمراض والوبائيات، ونحاول أن نغطي هنا وهناك. على حدّ تعبيره.
وقال الدكتور “العبادي”، “نريد أن نبني مواقع ثابتة سواءً كانت مراكز صحية او وحدات أو مستشفيات تفيد المجتمع سواءً ظل النازح أو رحل بالأخير هي خدمات ستظل مدى الحياة مكانها وتنمو وتشتهر وتكبر”. مناشدًا الجهات ذات العلاقة ببذل مزيد من الجهود للارتقاء بالخدمات الصحية وتوفير احتياجات النازحين، خاصةً في ظل انتشار الأوبئة والأمراض، وضعف البنية التحتية الصحية نتيجة الحرب المستمرة في البلاد.
من جانبه، قال مسؤول الإعلام في مكتب وزارة الصحة العامة والسكان بمحافظة تعز تيسير السامعي، في تصريحات صحفية، “إنّ وباء الكوليرا انتشر مؤخرًا في عدد من محافظات البلاد، منها تعز”. مشيرًا إلى أنّ هذه الموجة من الكوليرا سبقتها موجات أخرى منذ بدء انتشار المرض عام 2016، وأنّ هناك أكثر من 820 حالة إصابة بوباء الكوليرا في تعز، بينها 12 حالة وفاة، تم رصدها منذ مطلع العام الجاري”.
ويظل وباء الكوليرا والأوبئة الأخرى ـ التي تطرأ على السكان في اليمن ـ شبحًا يؤرق اليمنيين، ويهدّ من نفسياتهم، إضافةً إلى ما هم فيه من المعاناة المستمرة نتيجة الوضع الاقتصادي وتدهور الحالة المعيشية بين المواطنين.
لتحميل التقرير بصيغة pdf (اضغط هنا)