رمضان في اليمن.. بين أوجاع الناس وصبرهم في ظل الأزمة الإنسانية المستمرة

منتدى الإغاثة البناء CRB ينفذ مشروع كسوة العيد بمحافظة تعز
مارس 30, 2024
منتدى الإغاثة والبناء يختتم مشاريعه الرمضانية للعام 1445هـ
أبريل 13, 2024
منتدى الإغاثة البناء CRB ينفذ مشروع كسوة العيد بمحافظة تعز
مارس 30, 2024
منتدى الإغاثة والبناء يختتم مشاريعه الرمضانية للعام 1445هـ
أبريل 13, 2024
تقرير | مركز CRB للإعلام الإنساني
يواجه اليمنيون تحديات كبيرة، وتتعمق أزمتهم الإنسانية يومًا بعد آخر، نتيجة الأوضاع المأساوية الصعبة التي تعيشها البلاد لأكثر من تسع سنوات، والتي شارفت على السنة العاشرة من الحرب والصراع، والتي ألقت هذه الحرب بظلالها على عاتق اليمنيون، وأثقلت عن كاهلهم بالكثير من الأوجاع والمآسي والأحزان.
تفاقم الوضع الإنساني الحاد في اليمن، إضافةً لما يعانيه منه هذا البلد منذ سنوات. والتي صنفته الأمم المتحدة بأنه يعاني من أسوأ أزمة إنسانية في العالم، والذي يعود إلى تدهور الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وتصاعد الصراع المسلح الدائر في البلاد.
وفي ظل هذه الظروف القاسية، يجد الناس أنفسهم محاصرين بين جدران الفقر والجوع ونقص الخدمات الأساسية، ويتزايد الضغط على الأسر اليمنية خلال شهر رمضان، لما تعانيه الأسر اليمنية من نقصٍ حاد في الموارد الغذائية الأساسية، ويصعب عليهم توفير المواد الأساسية من الغذاء والدواء في هذا الشهر. كما تعجز الأسر عن تلبية احتياجاتهم الغذائية اليومية. إضافةً إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية، مما يجعل الوضع يزداد أكثر صعوبة، وأعظم مشقة، ويصبح الطعام الأساسي والغذاء بعيدًا عن متناول الأسر.
 
الأعباء في رمضان
مضى شهر رمضان المبارك على اليمنيين هذا العام حاملًا معه عبئًا إنسانيًا كبيرًا، لما تخفيه الأسر اليمنية من أوجاع وأحمال، تحول دون مقدرتهم على تحمّل تكاليف المعيشة في شهر رمضان، وجعلتهم يعيشون على الصبر والألم، والكفاح من أجل البقاء.
حيث يُعاني أكثر من 17 مليون يمني من انعدام الأمن الغذائي، ويعتمد 7.1 مليون شخص على المساعدات الغذائية، وارتفعت أسعار المواد الغذائية بشكلٍ كبير، مما جعلها بعيدة عن متناول الكثير من اليمنيين، ويُعاني 2.3 مليون طفل من سوء التغذية الحاد، و400 ألف طفل على وشك المجاعة، ناهيك عن انهار نظام الرعاية الصحية بشكلٍ كبير، ونقص الأدوية والمستلزمات الطبية، تسبب بمعاناة 20.7 مليون شخص من نقص الخدمات الصحية الأساسية، الذي أدّى إلى تسجيل أرقام قياسية من المعاناة بمختلف الجوانب، وفق منظمات المجتمع المدني.
أمعاءٌ خاوية
يقول الحاج محسن عبود (53عام) وهو مواطن يعول أكثر من عشرة أفراد من أسرته، “إنّ رمضان هذا العام مرّ أكثر من تلثيه، وأسرته تعاني الكثير من الصعوبات في توفير المتطلبات الأساسية من المواد الغذائية ومستلزمات شهر رمضان، نتيجة استمرار الأزمة اليمنية، التي جعلت وضع الأسر لا يطاق – على حدّ تعبيره-.
وأضاف الحاج “عبود” لـ “مركز CRB للإعلام الإنساني”، “أنّ الأزمة الاقتصادية وغلاء أسعار السلع الغذائية جعلهم يعيشون أغلب أيام شهر رمضان على أمعاء خاوية، يلتمسون احتياجاتهم من المعونات الإنسانية، وعطايا فاعلو الخير”، مشيرًا إلى أنّ خطورة الوضع الصحي الذي يمر نتيجة تأثره أيضًا بالوضع، وتدهور الحال الذي وصلت إليه الأسر اليمنية.
ويشكو الحاج محسن عبود، من الغلاء الذي يطوق بهم من كل الاتجاهات خلال شهر رمضان، وعدم مقدرته عيش أيام وأجواء رمضان باستقرار، ويتابع:، “حاجاتنا في هذا الشهر بسيطة جدًا، مثل كيس الدقيق ودبة زيت ورز أو حليب، لكنها أصبحت من الأمنيات،  ولمن استطاع إليه سبيلا”، في إشارة إلى المعاناة المريرة التي تعيشيها أسرة الحاج محسن، وكثير من الآسر اليمنية في رمضان.
تشير التقارير الإنسانية للمنظمات الدولية العاملة في اليمن، إلى أنّ  نسبة الفقر ارتفعت إلى 80% من السكان، ويُعاني الكثير من اليمنيين من البطالة وانعدام الدخل، وهو ما يراه مراقبون للوضع الإنساني أنّه مؤشر خطير، ينذر بكارثة إنسانية أكبر مما هي عليه الآن في اليمن، داعيين إلى تضافر الجهود الدولية لإنقاذ أرواح الملايين من الأشخاص اليمنيين.
 
النازحون في مرمى المعاناة
تحديات إضافية يواجهونها النازحون الذين اضطروا لترك منازلهم وممتلكاتهم بسبب النزاع في البلاد، والمتضررون من الحرب، في شهر رمضان، تجعل وضعهم أكثر صعوبة ومعاناة، ووجدوا أنفسهم في وضع مأساوي خلال هذا الشهر، يكابدون العَوز ويصارعون من أجل بقاء أسرهم في مأمنٍ وسلام، في ظل الأوضاع الصعبة التي تعيشيها البلاد ككل.
تقول النازحة عتيقة مهيوب (42عامًا)، نازحة إلى محافظة مأرب، وهي تسرد معاناتها المستمرة نتيجة النزوح المتكرر، بكثير من الوجع والحزن، “إنّها أمضت رمضان بوجبة الخبز والماء، لأنّها لا تملك شئ غيره”، في الوقت الذي اعتاد الناس فيه إلى تزويد موائدهم الرمضانية بالعديد من الأصناف والكثير الأطباق، قبل أن تستعر الحرب في البلاد لأكثر من تسع سنوات.
تسكن “عتيقة” مع أولادها الثلاثة، وهي أرملة فقدت زوجها في الحرب، في مخيّم الجفينة بمدينة مأرب، وتضيف – في حديثها لـ “مركز CRB للإعلام الإنساني، “لم نستطع خلال شهر رمضان حتى توفير المتطلبات الأساسية للفطور، أو حتى شراء الحاجات الضرورية للمطبخ”. موضحةً أنّ هناك مساهمات وصلتها من المنظمات الإغاثية وفاعلي الخير، لكنها لم تفي بالغرض ولم تغطي الاحتياج.
تعتبر “عتيقة” واحدةٌ من ملايين السكان في اليمن، الذين يستقبلون شهر رمضان المبارك للمرة التاسعة في ظل الحرب المستمرة، وهم يواجهون نقص في الموارد الغذائية والمعونات الإنسانية، ونقص في الرعاية الصحية، نتيجة تدهور البنية التحتية للخدمات الصحية في اليمن، مما جعلهم يواجهون صعوبات في الحصول على العلاج اللازم والأدوية الضرورية خلال هذا الشهر الفضيل.
 
تدخلات المنظمات الإنسانية
تعمل العديد من المنظمات الإنسانية والمجتمع المدني على تقديم المساعدات والدعم للنازحين والمحتاجين، ولكن تبقى الاحتياجات الإنسانية ضخمة وتتطلب جهودًا متواصلة ومتكررة لتلبيتها بشكل كاف، نتيجة ازدياد المعاناة بسبب النزوح الداخلي والتشرد، واضطرار العديد من الأسر إلى مغادرة منازلهم بحثًا عن مأوى آمن، مما يجعلهم أكثر عرضة للفقر والعوز والحاجة.
منتدى الإغاثة والبناء CRB، واحد من المنظمات الإنسانية الفاعلة في اليمن، وعمل بشكل كثيف في تخفيف المعاناة الإنسانية خلال شهر رمضان، في مجالات الأمن الغذائي، والمساعدة الطارئة، والحماية، للمساهمة في تأمين جزء من احتياجات المواطنين اليمنيين، وتوفير متطلبات المجتمعات الأشد تضررًا في البلاد.
يقول الدكتور كمال القدمي رئيس منتدى الإغاثة والبناء، “إنّ المنتدى حرص في تدخلاته الإنسانية على الاسهام في تلبية الاحتياج الحقيقي للأسر التي تعاني صعوبة في توفير متطلباتها الأساسية، وعمل على إغاثة المجتمعات الأشد تضررًا، لإحداث فارق في حياة الأسر وحفظ كرامتهم، خلال هذا الشهر الفضيل”، لافتًا إلى أنّ المشاريع شملت العديد من المحافظات اليمنية.
وأضاف الدكتور “القدمي” لـ “مركز CRB للإعلام الإنساني، “أنّ الوضع الإنساني في اليمن يتطلب بذل مزيدًا من الجهود من قبل المنظمات الدولية والمحلية العاملة في المجال الإغاثي والإنساني، والتحرك العاجل لإنقاذ الشعب اليمني، والتبرع للجمعيات الخيرية التي تقدم المساعدات لليمنيين، لما يمثله الوضع من خطورة على الأسر والمواطنين.
ويظل الوضع الإنساني في اليمن في حالة طارئة تستوجب تدخلًا دوليًا عاجلًا لتقديم الدعم والمساعدة اللازمة للسكان اليمنيين، ويتطلب تكثيف الجهود الدولية لإنهاء النزاع المسلح وتحقيق السلام والاستقرار في البلاد، بالإضافة إلى زيادة التمويل الإنساني لتلبية الاحتياجات الأساسية للسكان والمساهمة في إنقاذ حياة الملايين من هذه الأزمة الإنسانية المدمرة.