مدرسة “الزبيري” بمخيم السويداء.. من خيام إلى فصول تزرع الأمل للأطفال النازحين

مأرب: تدشين ورشة عمل تشاورية حول واقع الخدمات والاحتياجات في مخيمات النزوح
نوفمبر 5, 2025
منتدى الإغاثة والبناء يزور السفير التركي لدى اليمن لتعزيز الشراكة في الجوانب الإنسانية
نوفمبر 9, 2025
مأرب: تدشين ورشة عمل تشاورية حول واقع الخدمات والاحتياجات في مخيمات النزوح
نوفمبر 5, 2025
منتدى الإغاثة والبناء يزور السفير التركي لدى اليمن لتعزيز الشراكة في الجوانب الإنسانية
نوفمبر 9, 2025
في بلد أرهقته الحرب ومزّقته سنوات النزاع، أصبح التعليم حلمًا بعيد المنال لآلاف الأطفال اليمنيين. وفي مخيم السويداء بمحافظة مأرب، كانت الخيمة هي المدرسة، والرمال هي الجدار، وصوت الرياح هو الجرس الذي لا يتوقّف.
في عمق الصحراء، حيث تمتد الخيام بلا نهاية، يجلس الأطفال على حصائر رقيقة، يحملون دفاتر مهترئة وقلوبًا مليئة بالأمل. بين هؤلاء كانت الطفلة العنود عثمان، 11 عامًا، نموذجًا لجيل تعلّم كيف يصارع العواصف من أجل مقعد دراسي. 
تقول الطفلة العنود:”كنا ندرس تحت الخيام، لا جدران تحمينا، ولا أبواب تُغلق أمام الرمل… لكننا لم نتوقف عن الحلم.” فقد كانت هي وأطفال مخيم السويداء يحملون أحلامهم الصغيرة في دفاتر مهترئة، يجلسون تحت خيمةٍ من القماش الرقيق تقيهم الشمس بالكاد، وتغدو رياح الصحراء جزءًا من يومهم الدراسي.
لم تكن هناك سوى خيام متهالكة تُسمّى مجازًا بالمدرسة، وحرارة الشمس تخنق الأنفاس، والرياح تُقلب الصفحات قبل أن يقلبها المعلم. عندها، أدرك منتدى الإغاثة والبناء (CRB) أن التعليم أولوية لا يمكن تأجيلها. وفي إطار مشاريعه التعليمية في محافظة مأرب، أطلق المنتدى مشروع بناء مدرسة نموذجية داخل المخيم، لتكون بيئة آمنة وصحية لأطفال النزوح، وتمنحهم ما يستحقونه من كرامةٍ وفرصةٍ للتعلم.
أطلق المنتدى مشروع بناء مدرسة الزبيري النموذجية داخل المخيم، لتتحول الخيمة إلى جدران، والحصيرة إلى مقعد، والانتظار إلى بداية جديدة. وخلال أشهر قليلة، ارتفع مبنى المدرسة وسط الرمال، مكوّنًا من 12 فصلًا دراسيًا مجهزًا بمرافقه الأساسية.
اليوم، تجلس “العنود” مع أكثر من 600 طالب وطالبة في فصول نظيفة، نوافذها تُغلق أمام العواصف، وأبوابها تُفتح على المستقبل.
يقول وكيل المدرسة الأستاذ عبده الصربي: “الفرق الذي أحدثته هذه المدرسة لا يوصف؛ الأطفال أصبحوا أكثر تفاعلًا، ويملكون الحافز للتعلم، كما أن الأهالي يشعرون بالأمان على مستقبل أبنائهم”. ومنحت الطلاب فقط مكانًا مناسبًا للتعلم، وأصبحت مركزًا لتعليم القيم الاجتماعية، وتنمية المواهب، وإحياء الأمل في قلوب الأطفال الذين فقدوا الكثير بسبب النزاع”.
أما المعلمة “مريم” التي رافقت الطلاب منذ كانت الخيمة هي الصف، تقول: “إنّ المدرسة أعادت لأطفال مخيم السويداء حياتهم، فلا حياة إلا بالعلم والتعلم”. وأردفت بالقول: “وهذه إحدى الثمار التي زرعها المنتدى (منتدى الإغاثة والبناء) ليحصدها أطفال المخيم، في ظل الأوضاع الصعبة التي تعيشها البلاد، والتي أثرت على الواقع التعليمي بشكل كبير”.
“العنود” اليوم تحلم بأن تصبح طبيبة، وتحكي عن أصدقائها اللواتي بدأنَ يحلمنَ مثلما تحلم، بفضل الفرصة التي وفرتها لهم مدرسة الزبيري. ومع استمرار الحرب في أجزاء من اليمن، تظل هذه المدرسة نقطة نور في صحراء مأرب، دليلًا حيًا على أن التعليم قادر على زرع الأمل حتى في أصعب الظروف.